الأستاذة فاطمة الزهراء المرابط  قاصة من أصيلة:



شهر رمضان هو ذروة الإبداع وانتعاش الذاكرة المبدعة.


للزمن خلال رمضان سحره الخاص، تضفي عليه العطلة رونقا وبهاء من طراز آخر. لست من عشاق السفر أو التجول خلال هذا الشهر المبارك، عزوف كبير ينتابني ويحول بيني وبين الشارع، خاصة وأن أصيلة تبدو كل صباح صامتة، كأنها تعرضت لغارة أفرغتها من كل سكانها، ولا تدب فيها الحركة إلا قبيل آذان المغرب بساعات قليلة وتمتد إلى الساعات الأولى من الصباح. وفي ظل غياب مرافق ترفيهية ومكتبات ومقاهي ثقافية مفتوحة في وجه العموم أثناء فترة الصيام، لا أجد أمامي سوى غرفتي الصغيرة هي مكتبتي خلال النهار ومقهاي خلال الليل.
عندما تشرق شمسي حوالي الحادية عشر صباحا من كل يوم رمضاني، أطرد النوم من عينيّ، لأستقبل نهارا متجددا بسحر الكتب الملونة التي تطل علي من رفوف مكتبتي الصغيرة، تدعوني إلى الغوص في أعماقها واكتشاف كنوزها الدفينة. رمضان يفرض علي تخصيص النهار لقراءة الكتب المتراكمة، ووضع خطاطات لمشاريع إبداعية وبرامج أدبية جديدة ومتجددة، على إيقاع الموسيقى الصامتة، والدردشة الفايسبوكية التي تشكل خلال رمضان بوابة تواصلي مع الآخرين.
هو شهر مفعم ببعض التقاليد والعادات التي تتلألأ في مختلف البيوت المغربية، والظواهر الجديدة التي تظهر في الشارع المغربي خلال كل رمضان، ظواهر وعادات أشاهدها من خلال النافذة أو أثناء خروجي لشراء المجلات والجرائد اليومية، والتي غالبا ما تكون مادة خامة لقصصي القصيرة أو موضوع مقال أو تحقيق يشغلني لساعات طويلة، إذ تتحول الورقة البيضاء إلى بساط مزخرف والخيال إلى مركب شراعي يتجول بين بحور الحروف ويبحر بي طيلة الليل.
خلال شهر رمضان أحرص على إنهاء مشاريع أدبية مؤجلة، وكذا كتابة وتنقيح نصوص قصصية ومقالات، بحيث تهجم علي الحروف في ساعات متأخرة من الليل، فأخرج في نهاية هذا الشهر المبارك بحصيلة إبداعية تشعرني بالرضى والارتياح، لذلك تنتابني نوبة من الضحك عندما يخبرني بعض الأصدقاء بأن رمضان شهر الكسل والخمول الإبداعي، لأني أرى العكس، شهر رمضان هو ذروة الإبداع وانتعاش الذاكرة المبدعة.

التقى بها ذ// محمد كماشين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم للشاعر نزار قباني (1923-1998م)

كاتبات وكتاب من القصر الكبير _ سعاد الطود ، شاعرة متعددة المواهب

سرديات : ترنيمة الماضي