الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال أو " شجر البياض"





الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال
أو
" شجر البياض"
حسن اليملاحي

_____________________

أذكر أن البداية الأولى التي تعرفت من خلالها إلى  الشاعر المغربي "عبد الكريم الطبال"،  تعود إلى مرحلة التسعينيات، وهي المرحلة التي  سنحت لي ب قراءة متنه الشعري. وكنت قبل ذلك أقرأ له بعض القصائد الشعرية بشكل متقطع في بعض المجلات المغربية والملاحق الثقافية المتفرقة التي كانت تصدر في الثمانينيات بالمغرب.
 ومع مرور الأيام، تجدد اللقاء الفعلي بيننا، ونحن نلتقي في بعض الأماسي الشعرية التي كان يشارك فيها سي عبد الكريم، وكذا الموائد النقدية حول تجربة الشعر المغربي الحديث التي كنت أحضر فيها بصفتي مشاركا أو متتبعا. وأستحضر مهرجان محمد الخمار الكوني للشعر الحديث الذي كانت تنظمه جمعية الامتداد الأدبية ب- القصر الكبير، ولقاءات أخرى لها نفس الاهتمام.
 والحق، أني كنت أجد في  الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال تلك الحميمة، والهدوء الذي يطبع شخصيته الإنسانية  المتشبعة بقيم الصفاء والطهرانية. إضافة إلى هذا، فالرجل كثير الأيادي والصداقات مع مختلف المبدعين من دون تمييز. وفي هذا الإطار، أذكر أن قرأت الكثير من الدواوين الشعرية التي وقعت في يدي لشعراء شباب ، كان سي عبد الكريم قد خصها بتقديم.
لم أكن  لحظة قراءتي لهذه المتون الشعرية أبدأ بهذا التقديم، ولكني كنت أعود إليه عند الانتهاء، فأختبر الملاحظات التي تحصلت لدي نتيجة القراءات، بملاحظات سي عبد الكريم، فأجدها لا تخرج عن دائرة الأحكام النقدية التي تقوم على الصراحة والصدق.
وغني عن البيان أن توسل الرجل بالموضوعية والنزاهة في تقييم تلك المتون، إنما يكشف عن أمرين اثنين :
-       الأول : تواضع الشاعر، وانخراطه في صداقات متباينة من الناحية الأجيالية
-        الثاني: يتمثل في تشجيع المبدعين الشباب على الانخراط في الكتابة الشعرية، وجعل مجالات الخبرة التي اكتسبها في مجال كتابة الشعر رهن الجميع.
إن الحديث عن الشاعر سي" عبد الكريم الطبال"، يقترن لدي ببعض المواقف العابرة، والصور التي كنت أستنتجها وأنا أراه يمر وسط مدينة تطوان. كنت أجد الرجل يتجول لوحده – في بعض الأحيان – وهو يتأمل بتؤدة أسوار المدينة  وأقواسها وساحاتها العمومية ومجالاتها الخضراء. كان الرجل دائم الاستعارة والمجاز في كل شيء، في مشيته ونظرته وحركاته الهادئة التي كانت تصدر منه في كل المواقف والوضعيات.
 والجميل أني كثيرا ما كنت أجدها – أي الاستعارة والجاز- تقريبا في كل الدواوين الشعرية التي قرأتها له. وأفكر هنا بشكل عام في:
" البستان" و عابر سبيل و"الطريق إلى الإنسان" و"عابر سبيل" و"كتاب الرمل" وكذا سيرته الذاتية" فراشات هاربة" .
إن هذه العينة من الدواوين الشعرية وكذا السردية، من شأنها أن توضح لدى  القارىء طبيعة ومكانة الرجل في المشهد الشعري المغربي، وخريطة الشعر العربي ككل. وهي الطبيعة التي ما تزال تشغل الكثير من الباحثين والدارسين للشعرالمغربي من خلال تجربة عبد الكريم الطبال، إما عبر البحوث، أو الأطاريح الجامعية المختلفة من حيث الموضوعات التي يتم إنجازها في جامعات مغربية متفرقة.
إن الحديث عن سي" عبد الكريم" يرتبط في ذاكرة تلقي للشعر المغربي، في ذلك الجهد الواضح الذي بذله الشاعر في سبيل تطوير الشعر المغربي الحديث،  لينضاف إلى جهودات الشاعر الراحل" محمد الخمار الكنوني" و" أحمد المجاطي" و" محمد السرغيني".
 والواضح أن هذا الارتباط بالشعر لدى عبد الكريم، من حيث المنجز بكل ما يحمله من دلالات ودينامية لم يتوقف أبدا، بل امتد طوال مراحل حياة الرجل.
فكل شعر وأنت بخير سي عبد الكريم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم للشاعر نزار قباني (1923-1998م)

كاتبات وكتاب من القصر الكبير _ سعاد الطود ، شاعرة متعددة المواهب

سرديات : ترنيمة الماضي