في لقاء شعري لفرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير : رجع الظلال للشاعرة أمينة الصيباري





في لقاء شعري لفرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير :
رجع الظلال للشاعرة أمينة الصيباري 


محمد كماشين
بفضاء دار الثقافة الجديدة بالقصر الكبير واصل فرع اتحاد كتاب المغرب سلسلة لقاءاته في إطار استضافته لتجارب إبداعية " في حوزة الكتابة ".
مساء السبت  12 أبريل 2014 كان لعشاق الكلمة الرقيقة موعد مع الشاعرة أمينة الصيباري عبر  جلسة فكرية أدارها الأستاذ محمد بن قدور الوهراني،، وهكذا تابع الجمهور الحاضر  المداخلة الأولى التي شارك بها الأستاذ الباحث الأمين الغزاوي حيث عرض لمنجز أمينة الصيباري  الشعري "رجع الظلال" الذي  يتضمن، فضلا عن تحديده لمجموعة من المفاهيم التي تشكل الحقل الدلالي لصنعة الشعر وكفايته (اللغة، القصيدة، الحرف، ....)، (يتضمن) توجيهات عملية لقراءته بما يحقق المتعة وإشباع الغواية.
" رجع المعنى في أولى عتبات الديوان : وهكذا  أشار الأستاذ الأمين الغزاوي إلى ما أورده الأستاذ إبراهيم الحجري عند تقديمه للديوان إلى أن الشاعرة أمينة هي ضحية فعل الكتابة الشعرية بعد مطاردة طويلة اعتُمِدت فيها كل وسائل التخفي والهروب لتفادي شَرَك فعل الكتابة والخروج إلى جمهور القراء، معترفة بأحد سماتها الإبداعية والجمالية المتأصلة   ، إن هذه الظلال هي هذا وذاك: إذ لا قارئ للديوان ينكر حذق شاعرتنا وصنعتها، وامتداد ذلك في الماضي البعيد.
-  رجع المعنى في رجع قصائد الديوان وفيه فصل الاستاذ الغزاوي القول في مفهوم الكلام/الحرف/القصيدة/اللغة وسياقات التشكيل.
في أول قصيدة تفتتح بها أمينة ديوانها تنبهنا إلى أن للكلام أوردة حيث تذوب المعاني ويحترق سكّرها، وللحرف شموعا تبكي، وللشمس أنامل بمنزلة القوافي. هذه التصويرات هي نوع من الإحكام والتطويع للمجاز الذي ينساب أمام شاعرتنا ماءً طلاًّ
وفي مفهوم الذات الشاعرة عند أمينة التي جعلت من قصائدها مرايا تعكس عمق تجربتها اليومية بما تحياه من تفاعل اجتماعي وسياسي وثقافي.
رجع الدلال في قصائد الديوان: إذا كانت اللغة بالنسبة للقصيد هي بمنزلة الزينة بالنسبة للعروس، فإن الشاعرة أمينة أبلت البلاء الحسن في توظيف هذه اللغة وما تتيحه من أفانين القول البلاغي وجمالياته ، إثر ذلك تطرق الاستاذ  الأمين الغزاوي  الى معجم الشاعرة و التصوير الفني به من حيث جودة الأسلوب وبلاغة القول.
- "شفافية اللغة في مواجهة قلق الحياة" عتبة أطرت مداخلة الأستاذ الباحث "محمد الفاهم"  الذي قال : إن أول سؤال تطرحه قصائد الشاعرة أمينة الصيباري  هو سؤال اللغة ، فالشعر هو بالضرورة بحث عن لغة أخرى . إن الشاعرة واعية بهذه المهمة لذلك هي تضع رهانها إنقاذ الكلمة من الابتذال الذي يمكن أن يطالها من خلال الإستعمال اليومي ، فاللغة المتداولة اليوم هي لغة ميتة فاقدة لأي معنى تقول : " سأشعل شمعة لكل حرف قتلت فيه المعاني غدرا " ص 25 . إن الحروف تموت عطشا إن لم تعتر على معانيها وهذه المعاني بطبيعة هي ما يتم إحياؤه بواسطة القول الشعري .
  بطريقة أخرى الشعر بالنسبة لأمينة هو الذي يعطي معنى للغة ويحييها من جديد ،إن الشعر بالنسبة لها صراع مع اللغة من أجل ابتكار دلالات تعبيرية جديدة ، والذهاب بها إلى حدود الهسيس والبوح حيث تتدفق الكلمة آتية من معين الذات والوجدان.
مع ذلك هناك إحساس من طرف الشاعرة بصعوبة هذه المهمة ، إذ ليس من السهل نحث لغة جديدة في ظل موروث شعري ضخم عرف بارتباطه الشديد بالأوزان والتقيد بالقوافي ، من هنا أخذت الشاعرة على عاتقها مهمة التمرد على اللغة الكلاسيكية بغية خلق شكل تعبيري جديد ، لكن الملاحظ أنه رغم ثورة الشاعرة على اللغة الكلاسيكية إلا أنها مع ذلك تستسلم في بعض القصائد لإلزامية الإيقاع والقافية ، مما يدل على أن العلاقة مع اللغة ليست علاقة هادئة فأحيانا يستعصي الكلام ، بل إن القول الشعري يصطدم باستحالة التعبير.
 ويتفحص  الاستاذ محمد الفاهم القول الشعري عند أمينة الصيباري  فيخلص إلى  أن الأدب  عندها ليس شكلا لغويا خاليا من المضمون ، بل هو شكل تعبيري ينتج أفكارا وإن كانت أفكار ليست مستقلة بذاتها خارج شكلها التعبيري كما يرى بيير ماشري ،  إن المشكلة الشعرية عند أمينة هي ما يمكن أن نسميه بالإغتراب والتمزق والضياع والقلق المأساوي بالذات والعالم . فالبحت عن اللغة المستحيلة ، وما يصعب التعبير عنه L’indicible  يصبح بحثا عن الآخر المستحيل ، الغامض ، بل والمشكوك في وجوده أصلا تقول : لا أملك دليلا على وجودك غير الوجع القابع بالأحشاء .
  ويرى الاستاذ محمد الفاهم إن أمينة تسائل الإغتراب والخسران على أن لا نفهم أن الأمر هنا يتعلق باعترافات ذاتية  فالذات الشعرية تعلو على الذات الواقعية ، من هنا نفهم تلك الرقابة الذاتية والتكتم على صورة هذا الآخر الذي تمارسه الشاعرة مفضلة الهروب إلى القهوة والإنغماس في الشعر والكتابة والليل والتطلع للنجوم والطبيعة ،إن الشعر الصادق هو الذي يتخلى عن الذاتية السطحية والفجاجة العاطفية وهذا هو ما يسمى في النقد الشعري الحديث ب :" طرح النزعة البشرية " .
 قصائد ديوان رجع الضلال تعرض قلقا مأساويا ، لكن مع ذلك ورغم هذا القلق المأساوي وهذا الإنكسار هناك تشبت بالحياة وبالرغبة في المضي قدما وتحويل الخسارة إلى شيئ جميل ،هذه الخسارة الجميلة التي لن تكون في نهاية المطاف سوى الشعر ذاته ،، باختصار يختم الاستاذ محمد الفاهم  بأن الشاعرة أمينة تمثل إضافة نوعية في المشهد الشعري بلغتها الشفافة ودلالاتها المكتفة وعباراتها التي تمضي كالبرق .
اللقاء تميز بقراءة الشاعرة لبعض من قصائدها مع تقديم تجربتها في الكتابة ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم للشاعر نزار قباني (1923-1998م)

كاتبات وكتاب من القصر الكبير _ سعاد الطود ، شاعرة متعددة المواهب

سرديات : ترنيمة الماضي