عودة بعد انتحار



عودة بعد انتحار

الشاوي بشرائيل

لماذا أتيت إلى شرفتي كي تنتحر ، كي تموت ؟ هل قيل لك أنه عند عتبتي تنتحر الأحلام ، و تقف الآمال عن التحليق؟ لماذا تموت بجانبي، وأنا اريد ان استقبل الحياة ؟هل تبشرني بموت الأحلام المحلقة في سماء المستحيل؟.
أنا من انتظرت تغريدك، تابعتك و أنت تتعلم أولى خطواتك، قفزاتك و محاولاتك للطيران. أنا من رافقك في مسيرتك للبحث عن حرية الاختيار ، التحليق بعيدا ، أينما أردت.
ماذا تهديني ؟ موتا هادئا أم جثة جميلة كي أفتخر بها؟ أريها للأهل و الأحباب ؟ . هل تبعث لي رسالة حب عن طريق جثتك الهامدة ، صمتك المفاجئ و حظورك الصامت؟ أردت ان أسألك ألف سؤال و لكنك لا تستطيع الإجابة ، كيف مت، لماذا و كيف و لماذا الآن و لماذا تريد أن توارى الثرى بجانبي على شرفتي ؟ كيف مت و من ساعدك على الانتحار و لماذا، هل قررت تركي وحدي ، لا يهمك مصيري و ماذا عني بعد غيابك؟ تعرف اني لا اقدر على الحياة بدونك. انتظرتك كثيرا و لكني الان أجدك جثة هامدة، امامي فجأة لا اعرف كي حصل ذلك و لماذا، كما العادة تريد ان تتركني تائهة بين ظنوني و شكوكي.
أحبك كما لم يحب أحدا غيري، لم أقدر يوما على فراقك، لم تتركني يوما أقبل قدماك و لا يداك.
لم ترد للحب أن يكون وجها من وجوه العبودية، لذلك و لألف سبب آخر أحببتك و لا زلت أحبك حتى بعد الفراق لأن الحب لا يتلاشى لا يضيع لا يذبل لا يغيب.
قبل الانتحار لم ترد أن تقبلني ، لا أدري لماذا و أنت تتوق شوقا لأنفاسي ، هل تريد أن تتغدى بدموعي فقط لإرضاء غرورك.
إذهب بعيدا نم نوما هادئا أبديا سرمديا، أنا أعرف أنك لم تعرف كيف تقدر حبي و تفاني في هواك.
لم تعلم أبدا بولهي و لا بتضحياتي، لم تقدر أن ترى حبي و لكنك حين أردت أنت تنتحر اخترت حضني كي يكون آخر مثواك و ضريح خلودك.
أراك جثة هامدة و لا أرى حياة بعدك. تركتني حائرة يتيمة. بغيابك غاب الأمل و تاهت الكلمات ، و لم أعد استحمل الذكريات و لا المستقبل اما الحاضر أصبح في حكم كان.
أرى جثتك البهية و أنت امامي ، كأنك تريد أن تقول لي لقد انتحرت و ها أنا بين يديك، ليس لي سواك من أهديه روحي و جسدي غيرك ، من أريد أن يقبلني آخر قبلة كما صار و كان أول لقاء. تنتظر كيف سوف أثور ، كيف تدمع عيناي ، أكيد لم ترد أن تتركني وحدي ، و لكن ماذا أفعل بجثتك؟ أواريها الثراب أم أحنطها نكاية في الزمن و في الأعداء ؟ كي أقول للجميع أنك كنت معي ، أنت الآن معي و ستظل معي. هل بإمكاني ان أعيش بدونك ؟ لقد تركت جثتك ثلاث ليال بأكملها أمام أعيني، لم أقدر على دفنك، لم أقدر على دفن سعادتي بيدي.
يا من أحببته و لم يستطع أن يلمس حبي. يا من ظللت بعيدا، تائها . فعزائي الوحيد أنك حين قررت الرحيل قررت الانتحار قررت الابتعاد، أتيت الى شرفتي، اقتربت مني و انتحرت.
 لأنك عدت لي كما كنت و عهدت و رجعت إلى اعماق نفسك فأنا كنت و ساظل أبدا مسكنك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم للشاعر نزار قباني (1923-1998م)

كاتبات وكتاب من القصر الكبير _ سعاد الطود ، شاعرة متعددة المواهب

سرديات : ترنيمة الماضي