سلسلة كاتبات وكتاب القصر الكبير : عبد الحميد مومن

من إعداد :ذ. أمينة بنونة وذ. جمال عتو ****** " وقتاش بان العيب حتى صار لباسنا برقعة تشباه الجيب قفة عشانا من تصبان الذنوب " ( عبد الحميد مومن ) لطالما باح الزجال عبد الحميد مومن بأن الزجل الحقيقي هو الذي يولد من رحم المعاناة ، كيف لا وهو نتيجة الموروث الثقافي اللصيق بالمعيش اليومي . ففي دروب الأحياء العتيقة والأزقة الباردة والدروب الضيقة الطويلة و " الصابا " والزوايا ودكاكين الحرف التقليدية تولد الكلمة فتخرج رقراقة سهلة ممتنعة عبارة عن حكم ينقلها جيل عن جيل ويخلدها التاريخ . الزجال عبد الحميد يجد على حد قوله " طريقتي في الكلام غير الذي أجده في الكلام العادي ، أجد فيه مساحة كثيرة وحرية " . ولد عبد الحميد بن العربي بن أحمد التهامي بن سلام مومن القصري سنة 1970 بسوق الصغير بالقصر الكبير ، أبوه امتهن الدباغة ، قرأ مع أبناء جيله بمسيد للا بنت أحمد ، ودرس الابتدائي بكل من ملحقة السدراوي وبلعباس ، والاعدادي بالمنصور الذهبي ، وسنتين بالثانوية المحمدية ليتفرغ للتجارة في سن مبكرة ويشتغل ثلاث سنوات عون السلطة المحلية ويغادرها معانقا مرة أخرى الأعمال الحرة . عبد الحميد يشعر من حين لآخر برغبته في البوح عن مايجول في خاطره عبر كيفية كانت تستعصي عليه ولا يفهمها في أوانها ، يمر بمحطات أليمة يتمخض عنها كلاما يقترب من الزجل كثيرا ، يجالسه الزجال ادريس المريني ويسمع منه فيشجعه على المضي في الطريق ، كان ذلك في سنة 2018 . سألناه كيف في هذه المدة القصيرة جدا يتدفق من خاطره كل هذا الكم من القصائد الزجلية وينشرها في صفحتيه بالفايس ليتضح كشأن نظرائه من المبدعين أن الموهبة كانت قابعة بداخله الى أن حلت به ظروف رآها قاسية كشفت عن المستور . يذكر عبد الحميد أن هناك شخصيات أثرت في مساره الزجلي ويراها قدوة في الكتابة والابداع أمثال : ادريس المريني ، أحمد المسيح ، احميدة بلبالي ، ادريس بلعطار ، عزيز بن سعد ، كما يعتز بصداقته للناقد الزجال المبدع الميلودي الوريدي ويسمع له كثيرا . يكتب الزجال عبد الحميد في الصباح عندما يكون حسب رأيه " خالي البال " حدثناه عن أن أغلب الابداعات الصباحية الغزيرة هي نتاج عن أفكار يكون صاحبها مسكون بها ليلا وهو نائم ليقربذلك بدون تردد . يعترف الرجل أن أغلب قصائده ينظمها بتلقائية مدهشة عندما يكون في حضرة الألم وعلى عجل متذكرا أنه في مناسبة زجلية نظم قصيدة زجلية وهو مسافر الى مكان انعقادها . يفند زجالنا المقولة التي مفادها أن الزجل ليس له قواعد لأنه عبارة عن حكم متناترة من هنا وهناك فهو يرى العكس ويؤكد أن للزجل ميزان وقافية ، وأية قافية ، فالقصيدة الزجلية عبارة عن نسج رقعة بديعة بالألوان والأقانيم وصانعها ما هو الا متمكن من الحرفة جيدا . يستحضر الزجال عبد الحميد مومن البئر والحظ والأيام الخوالي والدلو والماء فيقول : عل جنب ذاك البير المهجور حضنت سعدي الغايب فتحت كتابو وقريت منو سطور تفكرت يامو لبستني حلامو القلب ماتحمل ونطق مقهور ااااه عليك يا السعد عند غيابك ما شاورتي. ماخليتي يمايرة وسافرتي ماشي من حقك مادرتي محسوب جوووور تفكر ديك البير وصوت الجرارة منها لحبل نازل ويحير حتى تقطع وطاح الدلو لجوارح عطشت ومنابعها رحلو وتردم البير وصار مطمور اااااه عليك يا السعد . وعن هجرة أرض الوطن يقول : ماهربت غير الكسدة حبك يابلادي فالقلب دفين نهار يتعاود فيك لحساب نرجع تحصيه يد نظيفة والفقر مايصيب لسان ليه يشفع تسعد لميمة ويزول الضيم على بويا لحنين ماهربت غير الكسدة حبك يابلادي فالقلب دفين . وعن البوح يعبر : شفت فيك ظل يحجب شعى شمس الزمان نويتك يد تمسد الفدعات بهدانة وتحنان حتى خاب ظني ونفر طار بعيد راكب ريشات الجنحان وغاب حتى غاب ومابان . وعن القيم والتربية يقول : عوارت ف ميزان ترابينا الكفة وكثرو بينا قلالين الحيا والعفة وشيطاننا صار كواد فعالنا قل لوفا وتبخس العرض تعلقنا بالساهل من السنة ونسينا الفرض هاك بلاك واخرتها حفرة ف الارض ولفياق حساااااب وربي يسالنا . ذلك هو الزجال المبدع الذي يحتفظ بأربعين قصيدة زجلية اختارها ديوانا ينتظر الطبع في قادم الأيام وذلك الكاتب الذي رهن نفسه عند الكتابة بالدهشة والألم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم للشاعر نزار قباني (1923-1998م)

كاتبات وكتاب من القصر الكبير _ سعاد الطود ، شاعرة متعددة المواهب

سرديات : ترنيمة الماضي